جـــــــــــــــــــــــدد.. حيـــــــــــــــــــــاتــــــــــــــــك
مرحبا بكم إخوانى الزائرين نرجو لكم المتعة والإستفادة

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

جـــــــــــــــــــــــدد.. حيـــــــــــــــــــــاتــــــــــــــــك
مرحبا بكم إخوانى الزائرين نرجو لكم المتعة والإستفادة
جـــــــــــــــــــــــدد.. حيـــــــــــــــــــــاتــــــــــــــــك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
جـــــــــــــــــــــــدد.. حيـــــــــــــــــــــاتــــــــــــــــك

منتدى متنوع يتناول كل قضايا المجتمع مع مراعاة الآداب العامة والسلوكيات القويمة


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

المحبة فى الله

2 مشترك

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

1المحبة فى الله Empty المحبة فى الله الثلاثاء مايو 25, 2010 6:18 pm

أم منـة

أم منـة

إن التحابب في الله تعالى والأخوة في دينه من أعظم القربات ، ولها شروط يلتحق بها المتصاحبون بالمتحابين في الله تعالى ، وبالقيام بحقوقها يتقرب إلى الله زلفى ، وبالمحافظة عليها تنال الدرجات العلى ، قال تعالى : " وألّف بين قلوبهم لوأنفقت ما في الأرض جميعا ما ألّفت بين قلوبهم ولكنّ الله ألّف بينهم " ( الأنفال 63)
قال ابن مسعود رضي الله عنه : هم المتحابون في الله
وفي رواية : نزلت في المتحابين في الله (رواه النسائي والحاكم وقال صحيح)
قال بعضهم :

وأحبب لحبّ الله من كان مؤمنــــا *** وأبغض لبغض الله أهل التّمرّد
وما الدين إلا الحبّ والبغض والولا *** كذاك البرا من كل غاوومعتدى

قال ابن رجب رحمه الله تعالى :
ومن تمام محبة الله ما يحبه وكراهة ما يكرهه ، فمن أحبّ شيئا مما كرهه الله ، أو كره شيئا مما يحبه الله ، لم يكمل توحيده وصدقه في قوله لا إله إلا الله ، وكان فيه من الشرك الخفي بحسب ما كرهه مما أحبه الله ، وما أحبه مما يكرهه الله
وقال ابن القيم رحمه الله :
من أحبّ شيئا سوى الله ، ولم تكن محبته له لله ، ولا لكونه معينا له على طاعة الله ، عذب به في الدنيا قبل اللقاء كما قيل :

أنت القتيل بكل من أحببته *** فاختر لنفسك في الهوى من تصطفي




** ثمرات وفضائل المحبة في الله **

للمحبة في الله ثمرات طيبة يجنيها المتحابون من ربهم في الدنيا والآخرة منها:

1) محبة الله تعالى :
عن معاذ رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "قال الله تبارك وتعالى : وجبت محبتي للمتحابين فيّ ، والمتجالسين فيّ والمتزاورين فيّ ، والمتباذلين فيّ " (رواه مالك وغيره )
وقول الملك للرجل الذي زار أخا له في الله :"إني رسول الله إليك بأنّ الله قد أحبّك كما أحببته فيه"

2) أحبهما إلى الله أشدّهما حبا لصاحبه :
عن أبي الدرداء رضي الله عنه يرفعه قال :" ما من رجلين تحابا في الله إلا كان أحبّهما إلى الله أشدّهما حبا لصاحبه " (رواه الطبراني )

3) الكرامة من الله :
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من عبد أحبّ عبدا لله إلا أكرمه الله عز وجل " ( أخرجه أحمد بسند جيّد)
وإكرام الله للمرء يشمل إكرامه له بالإيمان ، والعلم النافع ، والعمل الصالح ، و سائر صنوف النِّعم

4) الاستظلال في ظلّ عرش الرحمن :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنّ الله تعالى يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلّهم في ظلّي يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي ( رواه مسلم) ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مجموع الفتاوى " :" فقوله : أين المتحابون بجلال الله ؟ تنبيه على ما في قلوبهم من إجلال الله وتعظيمه مع التحاب فيه ، وبذلك يكونون حافظين لحدوده، دون الذين لا يحفظون حدوده لضعف الإيمان في قلوبهم "
وعن أبي هريرة أيضا رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سبعة يظلهم الله تعالى يوم لا ظلّ إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل
قلبه معلّق بالمساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه …" ( متفق عليه)

5) وجد طعم الإيمان :
قال عليه الصلاة والسلام : " من أحبّ أن يجد طعم الإيمان فليحبّ المرء لا يحبه إلا لله ( رواه الحاكم وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقرّه الذهبي)

6) وجد حلاوة الإيمان:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سرّه أن يجد حلاوة الإيمان، فليحبّ المرء لا يحبه إلا لله" ( رواه أحمد والحاكم وصححه الذهبي )
وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما ، وأن يحبّ المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه ، كما يكره أن يلقى في النار " (متفق عليه)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى":" أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنّ هذه الثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان ، لأنّ وجد الحلاوة بالشيء يتبع المحبة له ، فمن أحبّ شيئا أواشتهاه ، إذا حصل له مراده، فإنه يجد الحلاوة و اللذة والسرور بذلك واللذة أمر يحصل عقيب إدراك الملائم الذي هوالمحبوب أو المشتهى … فحلاوة الإيمان ، تتبع كمال محبة العبد لله ، وذلك بثلاثة أمور : تكميل هذه المحبة ، وتفريعها ، ودفع ضدها
"فتكميلها" أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، فإن محبة الله ورسوله لا يكتفى فيها بأصل الحبّ ، بل لا بدّ أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما
و" تفريعها" أن يحب المرء لا يحبه إلا لله
و"دفع ضدها " أن يكره ضدّ الإيمان أعظم من كراهته الإلقاء في النار "

7) استكمال الإيمان :
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحبّ لله ، وأبغض لله ، وأعطى لله ، ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان " (رواه أبوداود بسند حسن)

Cool دخول الجنة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم " (رواه مسلم)

9) قربهم من الله تعالى ومجلسهم منه يوم القيامة :
عن أبي مالك الأشعري قال : " كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت عليه هذه الآية :" يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" (المائدة 101) قال : فنحن نسأله إذ قال : إنّ لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء ، يغبطهم النبيون والشهداء بقربهم ومقعدهم من الله يوم القيامة ، قـال : وفي ناحية القوم أعرابي فجثا على ركبتيه ورمى بيديه ، ثم قال : حدثنا يا رسول الله عنهم من هم ؟ قال : فرأيت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم البِشر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " هم عباد من عباد الله من بلدان شتى ، وقبائل شتى من شعوب القبائل لم تكن بينهم أرحام يتواصلون بها ، ولا دنيا يتباذلون بها ، يتحابون بروح الله ، يجعل الله وجوههم نورا ويجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الناس ، ولا يفزعون ، ويخاف الناس ولا يخافون " (رواه أحمد والحاكم وصححه الذهبي )

10) وجوههم نورا يوم القيامة :
من الحديث السابق في قوله :" يجعل الله وجوههم نورا"

11) لهم منابر من لؤلؤ:
نفس الحديث السابق في قوله :" يجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الناس "

12) لهم منابر من نور :
وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنّ لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الشهداء والنبيون يوم القيامة لقربهم من الله تعالى ، ومجلسهم منه " ، فجثا أعرابي على ركبتيه فقال : يا رسول الله صفهم لنا وجلِّهم لنا ؟قال:" قوم من أقناء الناس من نزّاع القبائل ، تصادقوا في الله وتحابّوا فيه ، يضع الله عزّ وجلّ لهم يوم القيامة منابر من نور ، يخاف الناس ولا يخافون ، هم أولياء الله عزّ وجلّ الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " ( أخرجه الحاكم وصححه الذهبي )

13) يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة:
من الحديثين السابقين : حديث الأشعري وابن عمر رضي الله عنهم في قوله صلى الله عليه وسلم:" يغبطهم الشهداء والنبيون يوم القيامة لقربهم من الله تعالى ،ومجلسهم منه "

14) تسميتهم بأولياء الله :
من حديث ابن عمر السابق في قوله صلى الله عليه وسلم :" هم أولياء الله عز وجل "

15) انتفاء الخوف والحزن عنهم يوم القيامة :
من الحديثين السابقين : حديث الأشعري وابن عمر رضي الله عنهم : " لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " وقوله " ولا يفزعون ، و يخاف الناس ولا يخافون "

16) أنّ المرء بمحبته لأهل الخير لصلاحهم و استقامتهم يلتحق بهم ويصل إلى مراتبهم ، وإن لم يكن عمله بالغ مبلغهم :
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ،كيف تقول في رجل أحبّ قوما ولم يلحق بهم ؟ قال : "المرء مع من أحبّ" (الصحيحان)
وفي الصحيحين أيضا عن أنس رضي الله عنه أنّ رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم متى الساعة ؟ قال : " ما أعددت لها ؟ " قال : ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم و لا صدقة ، ولكني أحبّ الله ورسوله، قال :" أنت مع من أحببت" ، قال أنس : فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم :"أنت مع من أحببت" فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر ، وأرجوأن أكون معهم بحبي إياهم ، و إن لم أعمل بمثل أعمالهم
وعن علي رضي الله عنه مرفوعا:"لا يحب رجل قوما إلا حشر معهم"( الطبراني في الصغير)



من يختار للمحبة والصحبة

قال القرافي :" ما كل أحد يستحق أن يعاشر ولا يصاحب ولا يسارر "

وقال علقمة : اصحب من إن صحبته زانك ، وإن أصابتك خصاصة عانك وإن قلت سدّد مقالك ، وإن رأى منك حسنة عدّها ، وإن بدت منك ثلمة سدّها ، وإن سألته أعطاك ، وإذا نزلت بك مهمة واساك ، وأدناهم من لا تأتيك منه البوائق ، ولا تختلف عليك منه الطرائق

ويقول الشيخ أحمد بن عطاء : مجالسة الأضداد ذوبان الروح ، ومجالسة الأشكال تلقيح العقول ، وليس كل من يصلح للمجالسة يصلح للمؤانسة ، ولا كل من يصلح للمؤانسة يؤمن على الأسرار ، ولا يؤمن على الأسرار إلا الأمناء فقط

ويكفي في مشروعية التحري لاختيار الأصدقاء قوله صلى الله عليه وسلم : " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " (رواه أبوداود وغيره)

قال الأوزاعي : الصاحب للصاحب كالرقعة للثوب ، إذا لم تكن مثله شانته

قيل لابن سماك : أيّ الإخوان أحقّ بإبقاء المودة ؟ قال:الوافر دينه ، الوافي عقله ، الذي لا يملَّك على القرب ، ولا ينساك على البعد ،إن دنوت منه داناك ، وإن بعدت منه راعاك ، وإن استعضدته عضدك ،وإن احتجت إليه رفدك،وتكفي مودة فعله أكثر من مودة قوله

وقال بعض العلماء : لا تصحب إلا أحد رجلين : رجل تتعلّم منه شيئا في أمر دينك فينفعك ، أورجل تعلمه شيئا في أمر دينه فيقبل منك ، والثالث فاهرب منه

قال علي رضي الله عنه :

إنّ أخاك الصِّدق من كان معك *** ومن يضُرُّ نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزّمان صدعك *** شتّت نفسه ليجمعك

وقال بعض الأدباء:لا تصحب من الناس إلا من يكتم سرّك،ويستر عيبك، فيكون معك في النوائب،ويُؤثرك بالرّغائب،وينشر حسنتك،ويطوي سيّئتك ، فإن لم تجده فلا تصحب إلا نفسك

وقد ذكر العلماء فيمن تُؤثر صحبته ومحبته خمس خصال :
أن يكون عاقلا ، حسن الخلق ، غير فاسق ، و لا مبتدع ، ولا حريص على الدنيا
1) أما العقل : فهورأس المال وهوالأصل فلا خير في صحبة الأحمق
قال علي رضي الله عنه :

فلا تصحب أخا الجهل *** وإياك وإياه
فكم من جاهل أردى *** حليما حين آخاه
يُقاس المرء بالمرء *** إذا ما المرء ماشاه
وللشيء على الشيء *** مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب *** دليل حين يلقاه

والعاقل الذي يفهم الأمور على ما هي عليه ، إما بنفسه وإما إذا فُهِّم

2) أما حسن الخلق : فلا بدّ منه إذ ربّ عاقل يدرك الأشياء على ماهي عليه ، ولكن إذا غلبه غضب أوشهوة أوبُخل أوجبن أطاع هواه ، وخالف ما هوالمعلوم عنده ، لعجزه عن قهر صفاته ، و تقويم أخلاقه ، فلا خير في صحبته

قال أبوحاتم ابن حبان رحمه الله : الواجب على العاقل أن يعلم أنه ليس من السرور شيء يعدل صحبة الإخوان ، ولا غم يعدل غم فقدهم ، ثم يتوقى جهده مفاسدة من صافاه ، ولا يسترسل إليه فيما يشينه،وخير الإخوان من إذا عظمته صانك ،ولا يعيب أخاه على الزّلّة،فإنه شريكه في الطبيعة، بل يصفح،وينتكب محاسدة الإخوان،لأن الحسد للصديق من سقم المودة ،كما أن الجود بالمودة أعظم البذل ، لأنه لا يظهر ودّ صحيح من قلب سقيم

3) أما الفاسق : فلا فائدة في صحبته ، فمن لا يخاف الله لا تؤمن غائلته ولا يوثق بصداقته ، بل يتغيّر بتغيّر الأعراض
قال تعالى :" ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه " ( الكهف 28)

وقال تعالى :"فأعرض عمّن تولّى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا"(النجم 29) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :"لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي "( رواه الترمذي وأبوداود)

قال أبوحاتم رحمه الله في"روضة العقلاء":"العاقل لا يصاحب الأشرار،لأن صحبة صاحب السوء قطعة من النار،تعقب الضغائن، لا يستقيم ودّه ، ولا يفي بعهده ، وإن من سعادة المرء خصالا أربعا:أن تكون زوجته موافقة ، وولده أبرار ، وإخوانه صالحين ،و أن يكون رزقه في بلده .وكل جليس لا يستفيد المرء منه خيرا ، تكون مجالسة الكلب خيرا من عشرته ،ومن يصحب صاحب السوء لا يسلم،كما أن من يدخل مداخل السوء يتهّم "

قال بعضهم :

ابل الرجال إذا أردت إخاءهم *** وتوسّمنّ أمورهم وتفقّد
فإذا ظفرت بذي الأمانة والتُّقى *** فبه اليدين قرير عين فاشدد

4) أما المبتدع : ففي صحبته خطر سراية البدعة وتعدي شؤمها إليه ، فالمبتدع مستحق للهجر والمقاطعة ، فكيف تؤثر صحبته

5) أما الحريص على الدنيا : فصحبته سمّ قاتل ، لأنّ الطّباع مجبولة على التشبّه والاقتداء ، بل الطبع يسرق من الطبع من حيث لا يدري صاحبه ، فمجالسة الحريص على الدنيا تحرّك الحرص ، ومجالسة الزاهد تزهدّ في الدّنيا ، فلذلك تكره صحبة طلاب الدنيا ، ويستحب صحبة الراغبين في الآخرة

الناس شتىّ إذا ما أنت ذقتهم *** لا يستوون كما لا يستوي الشّجر
هذا له ثمر حلومذاقته *** وذاك ليس له طعم ولا ثمر




علامات الحب في الله

1) أنه لا يزيد بالبرّ ولا ينقص بالجفاء :
من علامات الحب في الله أن لا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء ، قال يحيى ابن معاذ الرازي :
حقيقة المحبة أنها لا تزيد بالبر ولا تنقص بالجفاء

2) الموافقة :
ومن علامات الحب في الله الموافقة ، قال بعضهم :

يقول للشيء لا إن قلت لا *** ويقول للشيء نعم إن قلت نعم

3) لا يحسد أخاه :
ومن علاماته أن لا يحسد المحبّ أخاه في دين ولا دنيا
وقد وصف الله تعالى المتحابين في قوله :" ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا و يؤثرون على أنفسهم ولوكان بهم خصاصة " ( الحشر ٩ )

4) أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه :
ومن علاماته أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه " ( رواه الشيخان)

5) أن يكون معيار المحبة الطاعة :
ومن علاماته أن يزداد إذا رأى أخاه في طاعة الله،وينقص إذا رأى منه معصية الله عزّ وجل




حقوق الأخوة ومستلزمات الصحبة والمحبة

لكل مسلم على أخيه المسلم حقوقا ، وهذه الحقوق أوجبها عقد الإسلام ، وصارت لكل مسلم بهذا العقد حرمة ، لا يحل لأحد أن ينتهكها ، وقد أتت جملة من هذه الحقوق ، وبيان لهذه الحرمة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " حقّ المسلم على المسلم ستّ : إذا لقيته فسلّم عليه ، وإذا دعاك فأجبه ، وإذا استنصحك فانصح له ، وإذا عطس فحمد الله فشمته ، وإذا مرض فعده ، وإذا مات فاتبعه " (متفق عليه)
وفي بيان حرمة المسلم ، وما لا يجوز للمسلم أن يقع فيه مع سائر المسلمين قوله صلى الله عليه وسلم :" إياكم والظنّ فإنّ الظنّ أكذب الحديث ، ولا تحسّسوا ، ولا تجسّسوا ، ولا تنافسوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تباغضوا ، وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخوالمسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى ههنا … ويشير إلى صدره ، بحسب امرئ من الشرّ أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام : دمه وعرضه وماله " (رواه الشيخان)
إنّ عقد الأخوة رابطة بين الشخصين كعقد النكاح بين الزوجين ، ويترتب على هذا العقد حقوق المال والبدن واللسان والقلب ، وبمراعاة هذه الحقوق تدوم المودة وتزداد الألفة ، ويدخل المتعاقدين في زمرة المتحابين في الله ، وينالان من الأجر و الثواب ما أسلفناه

1) حقوق الأخوة في المال :
- فمن حقوق المال الواجبة إنظاره إلى ميسرة إن كان غريما ، قال تعالى :" وإن كان ذوعسرة فنظرة إلى ميسرة" (البقرة 280) ، و قال صلى الله عليه وسلم :" من يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة" ( رواه مسلم وغيره)
- ومن حقوق الأخوة المواساة بالمال : وهي كما قال العلماء على ثلاث مراتب :
1) أدناها أن تقوم بحاجته من فضل مالك،فإذا سنحت له حاجة،وكان عندك فضل، أعطيته ابتداءً ولم تحوجه إلى السؤال،فإن أحوجته إلى السؤال،فهوغاية التقصير في حقّ الأخوة
2) الثانية: أن تنزله منزلة نفسك ، وترضى بمشاركته إياك في مالك
قال الحسن : كان أحدهم يشقّ إزاره بينه وبين أخيه ، وجاء رجل إلى أبي هريرة رضي الله عنه وقال : إني أريد أن أواخيك في الله ، فقال : أتدري ما حق الإخاء ؟ قال : عرّفني ، قال أن لا تكون أحقّ بدينارك ودرهمك مني ، قال : لم أبلغ هذه المنزلة بعد ، قال اذهب عني
وقال علي بن الحسين لرجل : هل يُدخل أحدكم يده في كمّ أخيه أوكيسه ، فيأخذ منه ما يريد بغير إذنه ؟ قال : لا ، قال : فلستم بإخوان
3) الثالثة : وهي العليا ، أن تؤثره على نفسك ، وتقدّم حاجته على حاجتك ، وهذه رتبة الصديقين ، ومنتهى درجات المحبين
قال ابن عمر رضي الله عنهما : أهدى لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس شاة ، فقال : أخي فلان أحوج مني إليه ، فبعث به إليه ، فبعثه ذلك الإنسان إلى آخر ، فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر حتى رجع إلى الأول ، بعد أن تداوله سبعة
فكانت هذه المرتبة العليا من الإيثار ، هي مرتبة الصحابة الكرام رضي الله عنهم

عن حميد قال : سمعت أنسا رضي الله عنه قال : لما قدموا المدينة نزل المهاجرون على الأنصار ، فنزل عبد الرحمن بن عوف على سعد بن الربيع ، فقال : أقاسمك مالي ، وأنزل لك عن إحدى امرأتي ، قال : بارك الله لك في أهلك ومالك ، فآثره بما آثره به ، و كأنه قبله ثم آثره به

وقد مدحهم الله عزّ وجلّ بقوله : " ويؤثرون على أنفسهم ولوكان بهم خصاصة " ( الحشر٩

قال أبوسليمان الداراني : كان لي أخ بالعراق ، فكنت أجيئه في النوائب ، فأقول : أعطني من مالك شيئا ، فكان يلقي إليّ كيسه فآخذ منه ما أريد ، فجئته ذات يوم فقلت : أحتاج إلى شيء فقال : كم تريد ؟ فخرجت حلاوة إخائه من قلبي وقال آخر:إذا طلبت من أخيك مالا فقال: ماذا تصنع به؟ فقد ترك حقّ الإخاء .
فهذه مراتب المواساة بالمال ، فإن لم توافق نفسك رتبة من هذه الرتب مع أخيك فاعلم أنّ عقد الأخوة لم ينعقد بعد في الباطن ، وإنما الجاري بينكما مخالطة رسمية لا وقع لها في العقل والدين ، قال ميمون بن مهران : "من رضي من الإخوان بترك الأفضال ، فليؤاخ أهل القبور "

2) حقوق الأخوة في البدن :
ويقصد بها الإعانة بالنفس في قضاء الحاجات ، والقيام بها قبل السؤال ، وتقديمها على الحاجات الخاصة ، وهذه أيضا لها درجات كالمواساة بالمال
1) أدناها القيام بالحاجة عند السؤال والقدرة مع البشاشة والاستبشار وإظهار الفرح وقبول المنة :
قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ،ومن يسّر على معسّر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة ،و من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ،والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه "

أرسل الحسن البصري جماعة من أصحابه في قضاء حاجة لأخ لهم ، وقال : مروا بثابت البناني فخذوه معكم ، فمروا بثابت فقال : أنا معتكف ، فرجعوا إلى الحسن فأخبروه فقال لهم : قولوا له يا أعمش أما علمت أن سعيك في حاجة أخيك خير لك من حجّة بعد حجة ، فرجعوا إلى ثابت فأخبروه ، فترك اعتكافه وخرج معهم

2) الدرجة الثانية : أن تكون حاجة أخيك مثل حاجتك :
كان بعض السلف يتفقّد عيال أخيه بعد موته أربعين سنة ، يقوم بحاجتهم ، ويتردّد كل يوم إليهم ويمونهم من ماله ، فكانوا لا يفقدون من أبيهم إلا عينه

3) أن تقدّم حاجة أخيك على حاجتك ، وتبادر إلى قضائها ولوتأخرت حاجتك
قضى ابن شبرمة لبعض إخوانه حاجة كبيرة ، فجاء بهدية ، قال : ماهذا؟ قال : لما أسديته إليّ ، قال : خذ مالك عافاك الله ، إذا سألت أخاك حاجة فلم يجهد نفسه في قضائها ، فتوضأ للصلاة وكبّر عليه أربع تكبيرات ، وعدّه من الموتى

وكان الحسن يقول:إخواننا أحبّ إلينا من أهلنا وأولادنا لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا ، وإخواننا يذكرون بالآخرة . ويدخل في حق المسلم على أخيه المسلم زيارته له في الله عزّ وجلّ ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة؟ النبي في الجنة ، والشهيد في الجنة ، والصديق في الجنة ، والرجل يزور أخاه في ناحية المصر في الجنة "

ومن الصور المشرقة للزيارة في الله عزّ وجلّ ، وما ينبغي أن تشتمل عليه من الأخلاق والآداب ، ما كان بين أبي عبيد القاسم بن سلام وأحمد بن حنبل رحمهما الله ، قال أبوعبيد : "زرت أحمد بن حنبل في بيته فأجلسني في صدر داره ، وجلس دوني ، فقلت : يا أبا عبد الله ، أليس يقال : صاحب البيت أحقّ بصدر بيته؟ فقال : نعم ، يقعد ويُقعِد من يريد ، قال : فقلت في نفسي : خذ إليك يا أبا عبيد فائدة ، قال : ثم قلت له : يا أبا عبد الله ، لوكنت آتيك على نحوما تستحقّ لأتيتك كلّ يوم ، فقال : لا تقل ، إن لي إخوانا لا ألقاهم إلا في كلّ سنة مرة ، أنا أوثق بمودّتهم ممن ألقى كل يوم ، قال : قلت : هذه أخرى يا أبا عبيد ، فلما أردت أن أقوم قام معي فقلت : لا تفعل يا أبا عبد الله ، فقال: قال الشعبي : من تمام زيارة الزائر أن تمشي معه إلى باب الدار ، وتأخذ بركابه قال : فقلت يا أبا عبيد هذه ثالثة ، قال : فمشى معي إلى باب الدار وأخذ بركابي

ومن هذه الصور المشرقة لزيارة السلف بعضهم لبعض وفرحهم بهذه اللقاءات الداعية لمزيد من الإيمان والحبّ في الله عزّ وجلّ ما رواه الخطيب البغدادي في "تاريخه" عن النقاش أنه قال : " بلغني أنّ بعض أصحاب محمد بن غالب أبي جعفر المقرئ جاءه في يوم وحلٍ وطين ، فقال له : متى أشكر هاتين الرجلين اللتين تعبتا إليّ، في مثل هذا اليوم لتكسباني في الثواب؟ثم قام بنفسه فاستسقى له الماء،وغسل رجليه "

3) حقوق الأخوة في اللسان :
وهي بالسكوت تارة وبالنطق أخرى
1) السكوت على المكاره :
1- لا يذكر عيوبه :
فمن حق الأخ على أخيه،أن يسكت عن ذكر عيوبه في غيبته وحضرته،بل يتجاهل عنه أما ذكر عيوبه ومساويه في غيبته فهومن الغيبة المحرمة ، وذلك حرام في حق كل مسلم ، ويزجرك عنه أمران بالإضافة إلى زجر الشرع : أحدهما : أن تطالع أحوال نفسك ، فإن وجدت فيها شيئا واحدا مذموما ، فهوِّن على نفسك ما تراه من أخيك ، وقدر أنه عاجز عن قهر نفسه في تلك الخصلة الواحدة ، كما أنت عاجز عن قهر نفسه في تلك الخصلة الواحدة ، كما أنت عاجز عما أنت مبتلى به ، والأمر الثاني : أنك تعلم أنك لوطلبت منزها عن كل عيب اعتزلت عن الخلق كافة ، ولم تجد من تصاحبه أصلا
كما قال النابغة الذبياني :

ولست بمستبق أخا لا تلُمُّه *** على شعث أيّ الرجال المهذّب

فما من أحد من الناس إلا وله محاسن ومساوئ ، فإذا غلبت المحاسن المساوئ فهو الغاية ، والمؤمن أبدا يحضر في نفسه محاسن أخيه لينبعث من قلبه التوقير والودّ و الاحترام ، وأما المنافق اللئيم فإنه أبدا يلاحظ المساوئ والعيوب
قال ابن المبارك : المؤمن يطلب المعاذير ، والمنافق يطلب العثرات
وقال الفضيل : الفتوة العفوعن زلات الإخوان

2- أن لا يفشي أسراره :
ومن ذلك أن يسكت عن إفشاء أسراره ولا إلى أخصّ أصدقائه ، ولوبعد القطيعة والوحشة ، فإن ذلك من لؤم الطبع وخبث النفس

قيل لبعض الأدباء : كيف حفظك للسر؟ قال : أنا قبره .
وأفشى بعضهم سرا إلى أخيه ثم قال له حفظت ، قال : بل نسيت .
وقالوا : قلوب الأحرار قبور الأسرار

كان أبوسعيد الثوري يقول : إذا أردت أن تؤاخي رجلا فأغضبه ثم دس عليه من يسأله عنك فإن قال خيرا وكتم سرا فاصحبه

3- أن لا يجادله ولا يماريه :
ومن ذلك أن يسكت عن مماراته وجداله :
قال بعض السلف : من لاحى الإخوان وماراهم ، قلّت مروءته ، وذهبت كرامته
وقال عبد الله بن الحسن: إياك ومماراة الرجال، إنك لن تعدم مكر حليم ، أومفاجأة لئيم
وبالجملة فلا باعث على المماراة إلا إظهار التميّز بمزيد العقل والفضل ، واحتقار المردود عليه بإظهار جهله وبالغ بعضهم في ترك المراء والجدال فقال : إذا قلت لأخيك قم ، فقال : إلى أين؟ فلا تصحبه ، بل ينبغي أن يقوم ولا يسأل
والمراء يفتن القلب وينبت الضغينة ويجفي القلب ويقسيه ويرقق الورع في المنطق و الفعل

عن أبي أمامة رضي الله عنه قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من ترك المراء وهومبطل بنى له بيت في ربض الجنة ، ومن تركه وهومحقّ بنى له في وسطها ، ومن حسن خلقه بنى له في أعلاها" (رواه أبوداود وغيره)

قال خالد بن يزيد بن معاوية الأموي :"إذا كان الرجل مماريا لجوجا معجبا برأيه فقد تمت خسارته "

قال الحسن البصري :"إياكم والمراء ، فإنه ساعة جهل العالم ، وبها يبتغي الشيطان زلّته"

2) النطق بالمحاب :
وكما تقتضي الأخوة السكوت عن المكاره ، تقتضي أيضا النطق بالمحاب ، بل هوأخص بالأخوة ، لأن من قنع بالسكوت صحب أهل القبور
1- التودد باللسان :
فمن ذلك أن يتودد إليه بلسانه ، ويتفقده في الأحوال التي يحب أن يتفقد فيها ، وكذا جملة أحواله التي يسر بها ينبغي أن يظهر بلسانه مشاركته له في السرور بها ، فمعنى الأخوة المساهمة في السراء والضراء

2- إخباره بمحبته :
ومن ذلك أن يخبره بمحبته له : عن أنس بن مالك قال : مر رجل بالنبي صلى الله عليه وسلم وعنده ناس ، فقال رجل ممن عنده : إني لأحب هذا لله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :"أعلمته؟" قال : لا ، قال : " قم إليه فأعلمه " فقام إليه فأعلمه ، فقال : أحبّك الذي أحببتني له ثم قال ، ثم رجع فسأله النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم :"أنت مع من أحببت ، ولك ما احتسبت " (رواه أحمد والحاكم وصححه الذهبي)

وعن المقدام بن معدى كرب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه " (رواه أحمد وغيره)

وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإخبار ، لأن ذلك يوجب زيادة حب ، فإن عرف أنك تحبه أحبك بالطبع لا محالة ، فإذا عرفت أنه أيضا يحبك زاد حبك لا محالة ، فلا يزال الحب يتزايد من الجانبين ويتضاعف ، والتحابب بين المسلمين مطلوب في الشرع محبوب في الدين ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم " ( رواه مسلم ، وقال النووي : قوله :" لا تؤمنوا حتى تحابوا " معناه لا يكمل إيمانكم ، ولا يصلح حالكم في الإيمان إلا بالتحاب "

3- دعوته بأحبّ الأسماء إليه :
ومن ذلك أن يدعوه بأحبّ أسمائه إليه في غيبته وحضوره ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ثلاث يصفين لك ودّ أخيك : أن تسلّم عليه إذا لقيته أولا ، وتوسّع له في المجلس ، وتدعوه بأحب الأسماء إليه

4- الثناء عليه :
ومن ذلك : أن تثني عليه بما تعرف من محاسن أحواله وآكد من ذلك أن تبلغه ثناء من أثنى عليه ، مع إظهار الفرح ، فإن إخفاء ذلك محض الحسد ، وذلك من غير كذب ولا إفراط ، فإن ذلك من أعظم الأسباب في جلب المحبة

5- الذّبّ عنه في غيبته :
وأعظم من ذلك تأثيرا في جلب المحبة ، الذبّ عنه في غيبته مهما قصد بسوء أوتعرّض لعرضه بكلام صريح ، أوتعريض ، فحق الأخوة التشمير في الحماية والنصرة وتبكيت المتعنت وتغليظ القول عليه ، والسكوت عن ذلك موغر للصدر ومنفر للقلب ، وتقصير في حق الأخوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المسلم أخوالمسلم ، لا يظلمه ولا يحرمه و لا يخذله " (رواه مسلم)

6- التعليم والنصيحة :
ومن ذلك التعليم والنصيحة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الدين النصيحة قالوا لمن يا رسول الله ، قال : " لله و لكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم " (رواه مسلم) ، وبخاصة إذا استنصح الأخ أخاه وجب عليه أن يخلص له النصيحة ، كما سلف في الحقوق العامة للمسلمين ، و ينبغي أن تكون النصيحة في سرّ لا يطلع عليه أحد فما كان على الملإ فهوتوبيخ و فضيحة ، وما كان في السر ، فهوشفقة ونصيحة
قال الشافعي رحمه الله : من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه ، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه وقال رحمه الله :

تعمّدني بنصحك في انفرادي *** وجنّبني النصيحة في الجماعة
فإنّ النصح بين الناس نوع *** من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي *** فلا تجزع إذا لم تعط طاعة

وتتأكد النصيحة كذلك إذا تغيّر أخوك عما كان عليه من العمل الصالح

قال أبوالدرداء : إذا تغيّر أخوك ، وحال عما كان عليه ، فلا تدعه لأجل ذلك ، فإن أخاك يعوج مرة ويستقيم مرة ، وحكى عن أخوين من السلف انقلب أحدهما عن الاستقامة ، فقيل لأخيه : ألا تقطعه وتهجره؟ فقال: أحوج ما كان إليّ في هذا الوقت لما وقع في عثرته أن آخذ بيده ،وأتلطف له في المعاتبة، وأدعوله بالعود إلى ما كان عليه
والأخوة عقد ينزل منزلة القرابة ، فإذا انعقد تأكد الحق ووجب الوفاء بموجب العقد ، ومن الوفاء به أن لا يهمل أخاه أيام حاجته وفقره ، وفقر الدين أشدّ من فقر المال ، والأخوة عند النائبات وحوادث الزمان ، وهذا من أشدّ النوائب
والقريب ينبغي أن لا يهجر من أجل معصيته ، حتى يقام له بواجب النصيحة ، وذلك لأجل قرابته ، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في عشيرته : " فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون " ( الشعراء 216)
ولم يقل : إني برئ منكم ، مراعاة لحق القرابة ولحمة النسب ، ولهذا أشار أبو الدرداء لما قيل له : ألا تبغض أخاك وقد فعل كذا؟ فقال : إنما أبغض عمله وإلا فهو أخي
وكذا التفريق بين الأحباب من محاب الشيطان ، كما أن مقارفة العصيان من محابه ، فإذا حصل للشيطان أحد غرضيه ، فلا ينبغي أن يضاف إليه الثاني

7- الدعاء له في حياته وبعد مماته :
ومن ذلك الدعاء لأخيه في حياته وبعد مماته :
عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك : ولك بمثل (رواه مسلم)

قال النووي رحمه الله : في هذا فضل الدعاء لأخيه المسلم بظهر الغيب ، ولودعا لجماعة من المسلمين حصلت هذه الفضيلة ، ولودعا لجملة من المسلمين فالظاهر حصولها أيضا ، وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعولنفسه يدعولأخيه المسلم بتلك الدعوة ، لأنها تستجاب ويحصل له مثلها ، جاء في تاريخ بغداد للخطيب البغدادي في ترجمة الطيب إسماعيل أبي حمدون –أحد القراء المشهورين – قال : كان لأبي حمدون صحيفة مكتوب فيها ثلاثمائة من أصدقائه وكان يدعولهم كل ليلة ، فتركهم ليلة فنام ، فقيل له في نومه يا أبا حمدون : لِمَ لَمْ تسرج مصابيحك الليلة ، قال : فقعد فأسرج ، وأخذ الصحيفة فدعا لواحد واحد حتى فرغ

4) حقوق الأخوة في القلب :
من حق المسلم على أخيه في الله عز وجل الوفاء والإخلاص في محبته وصحبته ، وعلامة ذلك أن تدوم المحبة ، وأن يجزع من الفراق ، ومن حقه أن تحسن به الظن ، وأن تحمل كلامـه وتصـرفاته على أطيب ما يكون ، ومن ذلك أن لا يكلف أخاه التواضع له ، والتفقد لأحواله ، والقيام بحقوقه

1) الوفاء والإخلاص :
ومعنى الوفاء الثبات على الحب وإدامته إلى الموت معه ، وبعد الموت مع أولاده وأصدقائه ، فإنّ الحبّ في الله إنما يراد به ما عند الله عزّ وجلّ ، فلا ينتهي بموت أخيه
قال بعضهم : قليل الوفاء بعد الوفاة ، خير من كثيره في حال الحياة ..
وقد جاء أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم عجوزا أدخلت عليه فقيل له في ذلك ، فقال :"إنها كانت تأتينا أيام خديجة ، وإنّ حسن العهد من الإيمان"(صححه الحاكم و الذهبي وحسنه الألباني في الضعيفة)
- ومن الوفاء للأخ مراعاة جميع أصدقائه وأقاربه والمتعلقين به
-ومن الوفاء: أن لا يتغيّر حاله مع أخيه ، وإن ارتفع شأنه واتّسعت ولايته وعظم جاهه
قال بعضهم :

إنّ الكرام إذا ما أيسروا ذكروا *** من كان يألفهم في المنزل الخشن

وأوصى بعض السلف ابنه فقال له : يا بنيّ لا تصحب من الناس ، إلا من إذا افتقرت إليه قرب منك ، وإذا استغنيت عنه لم يطمع فيك ، وإن علت مرتبته لم يرتفع عليك و مهما انقطع الوفاء بدوام المحبة ، شمت به الشيطان ، فإنه لا يحسد متعاونين على بر ،كما يحسد متواخيين في الله ومتحابين فيه ، فإنه يجهد نفسه لإفساد ما بينهما ، قال تعالى :" وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إنّ الشيطان ينزغ بينهم " ( الإسراء 53)

قال بعضهم : ما تواخى اثنان في الله فتفرّق بينهما ، إلا بذنب يرتكبه أحدهما
وكان بشر يقول : إذا قصر العبد في طاعة الله ، سلبه الله من يؤنسه ، وذلك لأنّ الإخوان مسلاة الهموم وعون على الدين
ولذلك قال ابن المبارك : ألذّ الأشياء مجالسة الإخوان ، والانقلاب إلى كفاية
ومن آثارالصدق والإخلاص وتمام الوفاء ، أن تكون شديد الجزع من المفارقة ، نفور الطبع عن أسبابها ، كما قيل :

وجدت مصيبات الزمان جميعها *** سوى فرقةِ الأحبابِ هيّنةَ الخَطْب

وأنشد ابن عُيينة هذا البيت وقال : لقد عهدت أقواما فارقتهم منذ ثلاثين سنة ، ما يخيّل إليّ أن حسرتهم ذهبت من قلبي
- ومن الوفاء أن لا يسمع بلاغات عن صديقه
- ومن الوفاء أن لا يصادق عدوصديقه : قال الشافعي رحمه الله : إذا أطاع صديقك عدوك ، فقد اشتركا في عداوتك

2) حسن الظنّ :
ومن حقوق الأخوة حسن الظنّ بأخيه :
قال الله تعالى"يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظنّ فإنّ بعض الظنّ إثم"(الحجرات 12)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إياكم والظنّ فإنّ الظنّ أكذب الحديث " ( رواه الشيخان) ، وإذا كان هذا مطلوب في المسلمين عامة ، فيتأكّد ذلك بين المتآخين في الله عزّ وجلّ ومن مناقب الإمام الشافعي ما قاله أحد تلامذته عنه الربيع بن سليمان قال : " دخلت على الشافعي وهومريض فقلت له :قوى الله ضعفك ، فقال : لوقوى ضعفي قتلني ، فقلت : والله ما أردت إلا الخير ، قال : أعلم أنك لوشتمتني لم ترد إلا الخير "
فينبغي أن يحمل كلام الإخوان على أحسن معانيه ، وأن لا يظن بالإخوان إلا خيرا ، فإن سوء الظن غيبة القلب

3) التواضع :
ومن حقوق الأخوة القلبية أن يتواضع لإخوانه ، ويسيء الظن بنفسه فإذا رآهم خيرا من نفسه يكون هوخيرا منهم
قال أبومعاوية الأسود : إخواني كلهم خير مني ، قيل وكيف ذلك؟ قال : كلهم يرى لي الفضل عليه ، ومن فضلني على نفسه فهوخير مني
ومهما رأى الفضل لنفسه فقد احتقر أخاه ، وهذا في عموم المسلمين مذموم ، قال صلى الله عليه وسلم : " بحسب امرئ من الشّرّ أن يحقر أخاه المسلم " (رواه الشيخان)



لطائف ونوادر في المحبة والإخاء

*** ليس من الوفاء ***
ليس من الوفاء موافقة الأخ فيما يخالف الحق في أمر يتعلق بالدين ، بل من الوفاء له المخالفة ، كان الشافعي رحمه الله آخى محمد بن الحكم ، وكان يقرّبه ويقبل عليه ويقول : ما يقيمني بمصر غيره ، فاعتلّ محمد فعاده الشافعي فقال :

مرض الحبيب فعدته *** فمرضت من حذري عليه
وأتى الحبيب يعودني *** فبرئت من نظري إليه

وظنّ الناس لصدق مودّتهما أنه يفوّض أمر حلقته إليه بعد وفاته،فقيل للشافعي في علته التي مات منها: إلى من نجلس بعدك يا أبا عبد الله،فاستشرف له محمد بن الحكم وهوعند رأسه ليومئ إليه،فقال الشافعي:سبحان الله أيشكّ في هذا؟ أبويعقوب البويطي، فانكسر لها محمد ، ومال أصحابه إلى البويطي مع أنّ محمدا كان قد حمل عنه مذهبه كله، لكن كان البويطي أفضل وأقرب إلى الزهد والورع ، فنصح الشافعي لله وللمسلمين ، وترك المداهنة، ولم يؤثر رضا الخلق على رضا الله تعالى ، والمقصود أنّ الوفاء بالمحبة من تمامها النصح لله
فالنصح لله مقدّم على الوفاء بمحبة الإخوان

*** رحَل الإخوان ***
قال ابن الجوزي رحمه الله :
هيهات رحل الإخوان وأقام الخُوّان ، وقل من ترى في الزمان من إذا دعي مان ، كان الرجل إذا أراد شين أخيه طلب حاجته إلى غيره،ثم قال : نسخ في هذا الزمان رسم الأخوة وحكمه ، فلم يبق إلا الحديث عن القدماء ، فإذا سمعت بإخوان صدق فلا تصدق

وقال بعضهم :

سمعنا بالصديق ولا نراه *** على التحقيق يوجد في الأنام
وأحسبه مُحالا جوّزوه *** على وجه المجاز من الكلام

*** صحبة الأحمق ***
قال أبوحاتم رحمه الله: من علامات الحمق التي يجب للعاقل تفقدّها ممن خفى عليه أمره:
سرعة الجواب ، وترك التثبت ، والإفراط في الضحك ، وكثرة الالتفات ، والوقيعة في الأخيار والاختلاط بالأشرار ، والأحمق إذا أعرضت عنه اغتمّ ، وإن أقبلت عليه اغترّ ، وإن حلمت عنه جهل عليك ، وإن جهلت عليه حلم عنك ، وإن أسأت إليه أحسن إليك ، وإن أحسنت إليه أساء إليك ، وإذا ظلمته انتصفت منه ، ويظلمك إذا أنصفته ، وما أشبه عشرة الحمقى بما أنشدني محمد بن إسحاق الواسطي :

لي صديق يرى حقوقي عليه *** نافلات وحقّه كان فرضا
لوقطعت الجبال طولا إليه *** ثم من بعد طولها سرت عَرضا
لرأى ما صنعت غير كبير *** واشتهى أن أزيد في الأرض أرضا

*** ما ضاق مكان بمتحابين ***
عن الأثرم قال : دخل اليزيدي يوما على الخليل بن أحمد ، وهوجالس على وسادة ، فأوسع له فجلس معه اليزيدي على وسادته ، فقال له اليزيدي : أحسبني قد ضيّقت عليك ، فقال الخليل : ما ضاق مكان على اثنين متحابين ، والدنيا لا تسع اثنين متباغضين

*** صداقة غير صادقة ***
حكى ابن حبان البستي عن محمد بن الحسين قال :
"كان أعرابي بالكوفة ،وكان له صديق يظهر له مودة ونصيحة، فاتخذه الأعرابي من عدده للشدائد ،إذ حزب الأعرابي أمر ، فأتاه فوجده بعيدا مما كان يظهر للأعرابي فأنشأ يقول :

إذا كان وُدُّ المرء ليس بزائد *** على مرحبا أوكيف أنت وحالكا
ولم يك إلا كاشرا أومحدّثا *** فأف لودّ ليس إلا كذلكا
لسانك معسول ونفسك بشّة *** وعند الثَريّ من صديقك مالُكا
وأنت إذا همّت يمينُك مرة *** لتفعل خيرا قاتلتها شمالكا

*** صاحب أهل الدين ***
قال ابن الجوزي رحمه الله :
صاحب أهل الدين وصافهم ،
واستفد من أخلاقهم وأوصافهم ،
واسكن معهم بالتأدب في دارهم ،
وإن عاتبوك فاصبر ودارهم ،
أنت في وقت الغنائم نائم ،
وقلبك في شهوات البهائم هائم ،
إن صدقت في طِلابهم فانهض وبادر ،
ولا تستصعب طريقهم فالمعين قادر ،
تعرض لمن أعطاهم وسل فمولاك مولاهم
ربّ كنز وقع به فقير ، وربّ فضل فاز به صغير
علم الخضر ما خفى على موسى ، وكشف لسليمان ما خفى عن داود

*** من أولى بالغم ***
قال الأصمعي :
سأل رجل أبا عمروبن العلاء حاجة فوعده بها ، ثم إنّ الحاجة تعذّرت على أبي عمرو، فلقيه الرجل بعد ذلك ، فقال له : يا أبا عمرووعدتني وعدا فلم تنجزه ؟ فقال له أبو عمرو: فمن أولى بالغم أنا أوأنت ، فقال له : أنا ، فقال له أبوعمرو: بل أنا ، فقال له الرجل : وكيف ذلك أصلحك الله ؟ قال : لأني وعدتك وعدا فأبتَ بفرح الوعد ، وأبتُ أنا بهم الإنجاز ، وبتَّ ليلتك فرحا ، وبتُّ مفكرا مغموما ثم مغموما ، ثم عاق القدر عن بلوغ الإرادة ، فلقيتني مدلا ، ولقيتك محتشما ، فمن هنا صرت أولى بالغم

*** من هم الأحبة ؟ ***
قال الشافعي رحمه الله :

إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا *** فدعه ولا تُكثر عليه التأسفا
ففي النفس أبدال وفي الترك راحة *** وفي القلب صبر للحبيب ولوجفا
فما كل من تهواه يهواك قلبه *** ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفوالوداد طبيعة *** فلا خير في ودّ يجيء تكلفا
ولا خير في خلّ يخون خليله *** ويلقاه من بعد المودّة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده *** ويظهر سرا كان بالأمس قد خفا
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها *** صديق صادق الوعد مُنصفا




صور مشرقة للمحبة الصادقة

1) النبي صلى الله عليه وسلم والصدّيق أبوبكر رضي الله عنه :
محبة صادقة في الله عز وجل ، ولله عز وجل ، ومن المواقف التي تدل على صدق المودة والمحبة ، واختصاص المحب لما يدور في قلب أخيه الذي أحبه في الله عز وجل :

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال : إنّ الله خيّر عبدا بين الدنيا وبين ما عنده ، فاختار ذلك العبد ما عند الله ، قال : فبكى أبوبكر ، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خُيِّر ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هوالمخيّر ، وكان أبوبكر أعلمنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنّ أمَنَّ الناس عليّ في صحبته و ماله أبوبكر ، ولوكنت متّخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودّته ، لا يبقيّن في المسجد باب إلا سُدّ ، إلا باب أبي بكر " (رواه الشيخان)

قال ابن رجب في "لطائف المعارف " :
لما عرّض الرسول صلى الله عليه وسلم على المنبر باختياره القاء على البقاء ولم يصرّح ، خفى المعنى على كثير ممن سمع ، ولم يفهم المقصود غير صاحبه الخصيص به ، ثاني اثنين إذ هما في الغار ، وكان أعلم الأمة بمقاصد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فلما فهم المقصود من هذه الإشارة بكى وقال : بل نفديك بأموالنا وأنفسنا و أولادنا ، فسكّن الرسول صلى الله عليه وسلم من جزعه ، وأخذ في مدحه والثناء عليه على المنبر ، ليعلم الناس كلهم فضله ، ولا يقع عليه اختلاف في خلافته ، فقال : " إنّ من أمَنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبوبكر

2) المهاجرون والأنصار :
ما حدث بين المهاجرين والأنصار أخوة صادقة ، ومدح الله عزّ وجلّ الأنصار بقوله :"
والذين تبوّؤا الدّار والإيمان من قبلهم يُحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولوكان بهم خصاصة ومن يوق شُحّ نفسه فأولئك هم المفلحون " (الحشر ٩

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قالت الأنصار اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل ، قال : لا ، فقالوا : أتكفونا المؤنة ونشرككم في الثمرة قالوا سمعنا وأطعنا " ( البخاري)

قال ابن كثير رحمه الله تعالى : " يُحبون من هاجر إليهم " : أي من أكرمهم وشرف أنفسهم ، يحبون المهاجرين ويواسونهم بأموالهم ، وقوله :" ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا" قال ابن كثير رحمه الله : أي ولا يجدون في أنفسهم حسدا للمهاجرين فيما فضلهم الله به ، من المنزلة والشرف والتقديم في الذكر والرتبة ، وقوله : " ويؤثرون على أنفسهم ولوكان بهم خصاصة "

قال القرطبي : الإيثار هوتقديم الغير على النفس وحظوظها الدنيوية ، ورغبة في الحظوظ الدينية ، وذلك ينشأ عن قوة اليقين وتوكيد المحبة والصبر على المشقة ، أي يؤثرون على أنفسهم بأموالهم ومنازلهم لا عن غنى بل مع احتياجهم إليها
وقال رحمه الله : والإيثار بالنفس فوق الإيثار بالمال

ومن الأمثال السائرة : والجود بالنفس أقصى غاية الجود ، قال الدكتور بابللي في " معاني الأخوة في الإسلام ومقاصدها" هذا الحب لا لصنيعة سبقت من المهاجرين إليهم ، أوليد كانت لهم عليهم ، وإنما الإيمان بالله الذي وحد بين قلوبهم ، وهوالحب في الله الذي جمع بينهم ، ففتحوا قلوبهم لإخوانهم في الدين ، قبل أن يفتحوا لهم منازلهم

3) ومن هذه الصور المشرقة للمحبة الصادقة : ما رواه القرطبي في "تفسيره" عن حذيفة العدوي قال : انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عم لي – ومعي شيء من الماء – وأنا أقول إن كان به رمق سقيته ، فإذا أنا به ، فقلت له : أسقيك ، فأشار برأسه أن نعم ، فإذا أنا برجل يقول : آه ، آه ، فأشار إليّ ابن عمي أن أنطلق إليه ، فإذا هوهشام بن العاص ، فقلت : أسقيك ؟ فأشار أن نعم ، فسمع أخر يقول آه ، آه ، فأشار هشام أن انطلق إليه ، فجئته فإذا هوقد مات ، فرجعت إلى هشام فإذا هوقد مات ، فرجعت إلى ابن عمي فإذا هوقد مات




آفـات الصحبة

بعد ذكر فضل المحبة في الله عز وجل والأخوة فيه ، ومن تمام النصيحة التحذير من آفات الصحبة ، ومنها :

1) كثرة الزيارات :
فمن آفات الصحبة كثرة الزيارات والمجالس التي هي مجالس مؤانسة وقضاء وطر ، أكثر منها مجالس ذكر وتذكير وتعاون على البر و التقوى ، فيكون في هذه المجالس ضياع الأوقات وذهاب المروءات وقد يجرّ فضول الكلام إلى ما يغضب الملك العلام ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه ، إلا قاموا على مثل جيفة حمار ، وكان عليهم حسرة يوم القيامة " ( قال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي والألباني في الصحيحة)

قال ابن القيم رحمه الله في " الفوائد" :
الاجتماع بالإخوان قسمان :
1) أحدهما اجتماع على مؤانسة الطبع وشغل الوقت ، فهذا مضرته أرجح من منفعته ، وأقل ما فيه أنه يفسد القلب ويضيّع الوقت
2) الثاني : الاجتماع بهم على أسباب النجاة والتواصي بالحق والتواصي بالصبر ، فهذا من أعظم الغنيمة وأنفعها ، ولكن فيه ثلاث آفات :
1- إحداها : تزيّن بعضهم لبعض
2- الثانية : الكلام والخلطة أكثر من الحاجة
3- أن يصير ذلك شهوة وعادة ينقطع بها عن المقصود
وبالجملة فالاجتماع والخلطة لقاح إما للنفس الأمارة ، وإما للقلب والنفس المطمئنة ، والنتيجة مستفادة من اللقاح فمن طاب لقاحه طابت ثمرته وهكذا الأرواح الطيبة لقاحها من الملك ، والخبيثة لقاحها من الشيطان ، وقد جعل الله سبحانه بحكمته الطيبات للطيبين ، والطيبين للطيبات ، وعكس ذلك

2) الإفراط في الحب والبغض :
ومن آفاتها الإفراط في الحب والبغض :
عن زيد

2المحبة فى الله Empty حبيبتى الأربعاء مايو 26, 2010 6:36 am

أم أبيها



جزاكم اللة خيرا على الموضوع الجميل
بحبك فى الله
اسأل الله ان يجمعنا بهذا الحب تحت ظل عرشه يوم لاظل الا ظله
ولكن أنا بحبك أكثر I love you

3المحبة فى الله Empty رد: المحبة فى الله الأربعاء مايو 26, 2010 5:45 pm

أم منـة

أم منـة

احبك الذى احببتنى فيهاللهم اجمعنا فى جنات النعيم

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى